كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة أوتاوا أن قدرة جسم الإنسان على تنظيم حرارته في الأجواء الحارة أقل بكثير مما كان يعتقد سابقا، ما يثير مخاوف جديدة في ظل ارتفاع درجات الحرارة عالميا بسبب التغير المناخي.
وأجرى فريق البحث، بقيادة البروفيسور جلين كيني، تجربة داخل مختبر خاص، حيث تم تعريض 12 متطوعا لدرجة حرارة 42 مئوية مع رطوبة 57%، وهو ما يعادل مؤشر حرارة يقارب 62 درجة مئوية.
ووجد الباحثون أن هذه الظروف كانت كافية لتعطيل نظام التبريد الطبيعي في أجسادهم، حيث بدأت حرارة أجسامهم الداخلية بالارتفاع بشكل خارج عن السيطرة خلال ساعات قليلة، مما أجبر معظمهم على الانسحاب قبل انتهاء التجربة التي استمرت 9 ساعات.
وأوضح كيني، أن الدراسة "كسرت حاجزا خطيرا في فهم فسيولوجيا الإنسان"، مؤكدا أن "أجسامنا تبدأ في الفشل عند مستويات حرارة ورطوبة أقل بكثير مما كنا نعتقد سابقا".
وتشير النتائج إلى أن ملايين البشر، خصوصا في مناطق مثل الشرق الأوسط وجنوب آسيا، قد يواجهون مستقبلا ظروفا مناخية تتجاوز حدود البقاء الآمن.
وأوضح الباحثون، أن تجاوز مستوى معين من الحرارة والرطوبة يؤدي إلى فشل نظام التعرق، مما يمنع تبخر العرق ويؤدي إلى اختناق حراري تدريجي، وهي ظاهرة قد تفسر الارتفاع المفاجئ في وفيات كبار السن خلال موجات الحر الأخيرة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويحذر الباحث المشارك في الدراسة، روبرت ميد، من أن "هذه النتائج تؤكد أن العديد من المناطق قد تصبح غير صالحة للسكن البشري قريبا"، مشيرا إلى أن التعرض المطول لموجات الحر يشكل ضغطا فسيولوجيا هائلا على الجسم.
ودعا العلماء إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذا الخطر، بما في ذلك إعادة تصميم المدن بمساحات خضراء تعكس الحرارة، وتطوير أنظمة إنذار مبكر، وإنشاء ملاجئ باردة في الأحياء السكنية، مؤكدين أن "تغير المناخ ليس مجرد أرقام على مقياس الحرارة، بل هو تهديد مباشر لقدرتنا البيولوجية على البقاء".
رجات الحرارة القياسية في العراق:
البصرة: سجلت مدينة البصرة في 22 يوليو 2016 درجة حرارة بلغت 53.9 درجة مئوية، مما يجعلها واحدة من أحر المدن في الشرق الأوسط.
ميسان: في يونيو 2019، بلغت درجة الحرارة في محافظة ميسان جنوب العراق 55.6 درجة مئوية، وهو رقم قياسي عالمي في ذلك الوقت.
ذي قار: سجلت محافظة ذي قار درجة حرارة وصلت إلى 51 درجة مئوية.
خانقين: سجلت منطقة خانقين درجة حرارة بلغت 50.5 درجة مئوية، مما يجعلها من بين أعلى درجات الحرارة المسجلة عالميا.
درجات الحرارة في السليمانية:
بالنسبة لمدينة السليمانية، لم تصل درجات الحرارة إلى تلك المستويات القياسية، وفقا للبيانات التاريخية المتاحة، تراوحت درجات الحرارة العظمى في السليمانية خلال أشهر الصيف بين 36.1 و42.2 درجة مئوية.
على سبيل المثال، في 9 يونيو 2024، بلغت درجة الحرارة العظمى 42.2 درجة مئوية.
مؤشر الحرارة والرطوبة:
من الجدير بالذكر أن الدراسة أشارت إلى تأثير الرطوبة المرتفعة بجانب درجات الحرارة العالية على قدرة الجسم في تنظيم حرارته.
في العراق، وعلى الرغم من تسجيل درجات حرارة مرتفعة جدا، إلا أن مستويات الرطوبة تختلف بين المناطق، مما يؤثر على مؤشر الحرارة والإجهاد الحراري.
LF