سجلت أسعار النفط هبوطا حادا خلال التعاملات المبكرة ليوم الأربعاء، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من أربع سنوات، متأثرة بمخاوف متزايدة بشأن الطلب العالمي في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب توقعات بارتفاع الإمدادات النفطية في السوق.
فقد تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 2.13 دولار، بنسبة 3.39%، لتستقر عند 60.69 دولارا للبرميل بحلول الساعة 01:08 بتوقيت غرينتش، في حين انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي ب2.36 دولار، أي بنسبة 3.96%، ليسجل 57.22 دولارا للبرميل.
ويمر السوق النفطي بحالة من الضغط الشديد، حيث تواصل أسعار الخامين القياسيين الانخفاض لليوم الخامس على التوالي، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على معظم الواردات، مما عزز المخاوف من اندلاع حرب تجارية واسعة النطاق قد تعرقل النمو العالمي وتؤثر سلبا على الطلب على الطاقة.
وفي تطور مفاجئ، صرح مسؤول بالبيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية جديدة بنسبة 104% على الصين بدءا من اليوم، مع إضافة 50% أخرى على الرسوم الحالية، ما رفع منسوب التوترات بين القوتين الاقتصاديتين.
وردت الصين بتصعيد لهجتها، متعهدة بعدم الانصياع لما وصفته ب"الابتزاز الأميركي"، مؤكدة رفضها التام للضغوط، لا سيما بعد تهديد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 50% على السلع الصينية في حال لم تتراجع بكين عن رسومها الانتقامية البالغة 34%.
وقالت يي لين، نائبة رئيس قسم أسواق السلع النفطية في شركة "ريستاد إنرجي"، إن "الرد الصيني العدواني يقلل من فرص التوصل إلى اتفاق سريع بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يثير مخاوف متزايدة من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود".
وأضافت أن نمو الطلب الصيني على النفط، الذي يتراوح حاليا بين 50 ألفا و100 ألف برميل يوميا، أصبح مهددا في حال استمرار الحرب التجارية، رغم أن خطوات تحفيزية لتعزيز الاستهلاك المحلي قد تحد من تأثير هذه الأزمة.
وجاءت هذه الضغوط في أعقاب قرار تحالف "أوبك+" الأسبوع الماضي برفع الإنتاج اعتبارا من مايو/أيار المقبل بمقدار 411 ألف برميل يوميا، وهي خطوة يرى المحللون أنها قد تغرق السوق بفائض إضافي وتزيد من زعزعة استقراره.
من جانبها، خفضت مؤسسة "جولدمان ساكس" توقعاتها لأسعار النفط، متوقعة أن يبلغ سعر برنت 62 دولارا، وخام غرب تكساس 58 دولارا للبرميل بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2025، قبل أن يتراجعا إلى 55 و51 دولارا على التوالي بحلول نهاية عام 2026.
أسواق النفط تعيش مرحلة حرجة تحت ضغط جيوسياسي واقتصادي غير مسبوق، وسط حرب تجارية محتدمة بين العملاقين الأميركي والصيني، وتوقعات بتخمة في المعروض تهدد باستمرار نزيف الأسعار في الأشهر والسنوات المقبلة.
LF