عناوین:

مخلـــــــــمة

PM:12:01:27/11/2021
3988 مشاهدة
علي البيدر
+ -

مصطفى ومصطفى، مواطنان عراقيان يحبان العراق كثيرا، يتواجدان في منطقة "العلاوي" كل يوم من الصباح وحتى المساء، يعودان الى مأواهم بعد ان يشعر كل منهما ان الوقت قد حان للمغادرة، الاول يعمل على بناء البلاد . الثاني لا يعمل على بناء اي شيء، كونه بلاعمل.
الاول يعود الى قصره بموكب قوامه عشرات السيارات، الثاني يعود مشيا على اقدامه التي انهكها الجلوس على ارصفة "المسطر" محطة انتظار الباحثين عن فرصة عمل.
مصطفى الاولى هو رئيس وزراء العراق القائد العام للقوات المسلحة، اما مصطفى الثاني فهو عراقي يقبع رفقة 15 مليون "مگرود" تحت خط الفقر كما تقول إحصائيات اجنبية، اما الاحصائيات الحكومية المحلية فلا تلقي لتلك المسألة اهمية.
بالعودة الى عنوان المقال "المخلمة" هي اكلة عراقية تتكون من اللحم والبيض والطماطم، البعض يفضلها بلا لحم مكرها على هذا التفضيل خصوصا الفقراء من الشعب وطبقة الموظفين الذين مايزالون يعتمدون على رواتبهم في اطعام عوائلهم، اما اولئك الذين لا يكتفون برواتبهم فهم حريصون على اضافة اللحم الى المخلمة وغير المخلمة، مهتمون باللحم كثيرا، فلا تخلوا موائدهم منه وحتى سهراتهم.
وبرغم سهولة تحضير المخلمة ووفرة ادواتها، الا ان انها اصبحت بعيدة المنال على المواطنين الفقراء بعد ارتفاع اسعار الطماطة التي وصلت الى (1500 دينار = 1$) للكغم الواحد، وكذلك البيض حيث وصل سعر الطبقة التي تحتوي على 30 بيضة الى (7500=5$) هذه الارقام كبيرة جدا على الفقراء ومن لا يمتلكون فرصة عمل و31% ممن هم تحت خط الفقر الذين يزدادون مع مرور الوقت، ولا ادري ربما وصلوا الآن الى 32% من الشعب كون الامر يتعلق بالفساد، فكلما ازدادت اعداد الفاسدين ازدادت اعداد الفقراء، فالعملية طردية ولا يمكن معالجتها الا من خلال ارادة سياسية مفقودة حتى اليوم.
 وبالعودة ثانية الى المخلمة التي صارت اكلة طبقية بعد ان ارتفعت اسعار الطماطم والبيض، فأرتفعت معها هموم الفقراء الذين يمثلون ثلث سكان البلاد، زيادة اسعار بعض السلع في العراق وصل الى مستويات قياسية لسببين الاول : رفع سعر صرف الدولار الاميركي مقابل الدينار لهدف في غاية الاهمية وهو (تضييق الخناق الاقتصادي على إيران) وما دخل الشعب العراقي بهذه القضية؟ الا يكفي اننا بقينا ندفع اثمان حماقات انظمة وتوجهات معينة من اجل ان تحيا وتنتصر الامة! اي امة هذه؟ في السابق كانت الامة العربية واليوم الامة الاسلامية.
وبالعودة الى السبب الثاني الذي جعل اسعار بعض السلع مرتفعة ومنها مكونات المخلمة فهو: القرار الحكومي "الذكي" الذي منع استيراد الكثير من السلع الاستهلاكية دعما للمنتج المحلي وتشجيعا للناتج الوطني، العنوان مغري جدا ويدفعك للوقوف الى جانبه، لكن عندما ترى انعكاساته السلبية على الطبقات المسحوقة من العراقيين وما يرافقه من عمليات فساد ممنهجة بعد ان يقدم سماسرة على شراء ما يعرف بإجازات الاستيراد والذين يتمكنوا من خلالها من إدخال كل شيء الى البلاد بدون قيد او شرط او حتى رسوم كمركية.
اذا هناك سبب اخر يستفيد منه الفاسدون ظاهره الرحمة وباطنه العذاب لشعب ادمن الوجع، ان الاجراءات التي تقوم بها الحكومة تجاه عمليات دعم المنتج المحلي خاطئة ولم تساهم في دعم الناتج المحلي وحمايته كما تعتقد، بل انها جوعت الشعب وجعلت الفلاح يتربح على حساب وجع الفقراء، وهذه معادلة غبية لا تقدم اي من الحكومات في جميع الدول على تطبيقها. 
اذا ما ارادت حكومتنا الموقرة دعم عمليات الانتاج المحلية فعليها تقنين عمليات الاستيراد بشكل تدريجي مع تقنين الخطط الزراعية التي يجب ان توازن بين احتياجات السوق وكمية المحصول المنتج خلال الموسم الزراعي، وبما اننا نفتقر الى التخطيط في كل شيء، لكن الخطط الزراعية في البلاد تشعرك بأنها خطط تابعة الى وزارة الزراعة الفرنسية او الروسية هذا على الورق فقط، اما الواقع فيشير الى غير ذلك.
هناك الكثير من الدول حول العالم لا تزرع اي محصول على اراضيها ولا تهتم بذلك، لكنها توفر لمواطنيها كافة المنتجات الزراعية والحيوانية وبأسعار زهيدة مقارنة بمستوى دخل مواطنها، اما في العراق فأن الفلاح يزرع ويعاني، والمواطن يعاني بعد ان يحصد ما زرعته الحكومة. 
كل شيء توقعت ان يحدث في هذه البلاد، الا ان لا يستطيع المواطن تناول المخلمة متى ما اراد في بلد يصدر يوميا اكثر من 3 ملايين برميل نفط ! "فهاي كلش واگفة".

البوم الصور