عناوین:

انتخابات تشرين.. أحلام وأوهام

PM:05:26:15/10/2021
2476 مشاهدة
محمد باقر الحسني
+ -

لم تكن نتائج الانتخابات النيابية المبكرة في العراق مفاجاة خارقة للعادة، بل كانت متوقعة خاصة لدى المراقبين المتخصصين بشؤون العراق.
نتائج عكست الواقع الجديد لمجتمع يجيد التحولات السريعة والدراماتيكية خصوصا في توجهاته السياسية. ولم يكن مستغربا على الاطلاق ان يخسر مرشحو قوى الحشد الشعبي المتهمين بالولاء لايران والذين كانوا يحضون بشعبية كبيرة قبل اعوام، وكذلك من أطلقوا على انفسهم قوى الدولة كتيار مضاد متهم بمحاباة واشنطن وحلفائها.
الطرفان تلقيا صدمة يفترض انها كانت كافية لإيقاظهم من سباتهم السياسي والاجتماعي، ليدركوا أن مجتمعهم لم يعد ذاك الذي كان قبل خمسة عشر عاما، وهذه الصدمة لم تقتصر ابدا على هؤلاء بل طالت ايضا اغلب التيارات السنية والكردية وبمختلف متبنياتها السياسية اسلامية كانت او ليبرالية كونها هي الاخرى تعاني من الشيخوخة السياسية. 
ولعل من اهم اسباب هذه الخسارة الفادحة والمدوية هو رفض زعامات هذه التيارات والاحزاب التأقلم مع المتغيرات الاجتماعية والسياسية التي طرأت على المجتمع العراقي خلال الأعوام الثمانية الماضية وخصوصا مرحلة ما بعد انتهاء المعارك مع داعش، واحتجاجات تشرين عام الفين وتسعة عشر. 
وبقيت هذه الزعامات تعيش الوهم وامجاد الماضي وتمسكت بخطاب تعبوي بعيدا عن هموم واهتمامات جماهيرها بشكل خاص وعموم المواطنين بشكل عام، خطاب يركز على مثل وقيم سياسية واجتماعية وان كانت تبدو صحيحة في بعض الاحيان لكنها لم تعد تجذب الجمهور اما لان قناعاته تغيرت او انه لم ير اي منها يطبق على ارض الواقع وانما اصبح لدى اغلبه يقين انها مجرد شعارات لا أكثر.
اما من فاز في هذه الانتخابات فهم ينقسمون الى صنفين الاول تقليدي ويضم الصدر والمالكي وبارزاني، والثاني حديث النشأة ويضم تيار الحلبوسي وامتداد والجيل الجديد. 
الاول نجح عبر التزام جمهوره بالولاء له سواء كان مصيبا او مخطئا، اضافة الى بعض الامور المتعلقة بالارث السياسي لهذه الاطراف وطبيعة علاقاتها الاجتماعية والعقائدية والعشائرية لا يتسع المجال لتفصيلها، والصنف الثاني نجح لانه اعتمد سياسة التواصل المباشر مع جمهور غاضب وناقم على العملية السياسية ومخرجاتها ويتطلع الى رؤية وجوه جديدة قد تتمكن من تحقيق بعض تطلعاته، وقد نجحت هذه التيارات الناشئة من تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة تستحق الدراسة كونها خرقت مجتمعات تقليدية في متبنياتها السياسية سواء في جنوب العراق حيث كانت حركة امتداد نموذجا او اقليم كردستان حيث حقق حراك الجيل الجديد نصرا سياسيا كبيرا، وكذلك الحال مع حركة تقدم بقيادة الحلبوسي غرب البلاد.
انتخابات تشرين 2021 وعلى الرغم من كل الملاحظات عليها سيما لجهة نسبة المشاركة وتخبط المفوضية العليا باعلان نتائجها الا انها كشفت أوهام الكثير من الزعامات وحققت احلام جيل جديد من الطامحين بالعمل السياسي، واثبتت ان التغيير ممكن ان يتم عبر صناديق الاقتراع بعيدا عن الفوضى والقتل والدمار.

البوم الصور