عناوین:

في سابقة غير معهودة.. دولة تطلق مبادرة مع 'المجرمين'

AM:08:21:20/10/2021

4388 مشاهدة

بدأت سلسة متاجر بقالة في مدينة ليروم السويدية، الواقعة على الساحل الغربي للبلاد إلى الشرق من مدينة غوتنبرغ، التي تعد عاصمة السويد الصناعية، بتطبيق مبادرة مقايضة مع مرتكبي جرائم السرقة من الأطفال واليافعين تحت عنوان "عفو عن السرقة من المتجر".

ويستند القائمون على سلسة متاجر "هيمكوب" إلى الحس الإنساني عند مرتكبي السرقات، بالطلب منهم "الاعتراف بالسرقة ودفع ثمن ما سرقوه للعفو عنهم"، فلا يسلمون إلى الشرطة.
ومذ بدأت السلسلة بتطبيق سياستها بالعفو عن السارقين، توافد عشرات من الأطفال واليافعين ليعترفوا بما ارتكبوه من سرقات، وفقا لتصريحات مدير المبيعات فيها فريدرك ليندكفيست.
وحتى صبيحة يوم الثلاثاء، وصل عدد "المعترفين" إلى نحو 100 طفل ويافع. وعلى الرغم من امتلاك السلسلة كاميرات مراقبة، فإنها اختارت دفع اللصوص الصغار إلى الاعتراف الطوعي، وقد وجدت أنهم يعودون "بعد سماع مبادرتنا حول ضرورة قيام مرتكب السرقة في متاجرنا بالعمل الصحيح، مع وعد منا بعدم تسليمه إلى الشرطة"، بحسب ما أوضح ليندكفيست.

ويؤكد ليندكفيست أن 100 من هؤلاء أرادوا بالفعل الحصول على "العفو"، وتوافدوا لتقديم الاعتذار ودفع ثمن ما سرقوه من المتاجر.

يذكر أنه بإمكان الشرطة السويدية التدخل فور ورود شكوى بحق سارق، لكن الأمر يؤدّي إلى تلطيخ السجل الجنائي لليافعين. وفي العادة، تؤخذ بصمات السارق وتحرر بحقه مخالفة، إذا كان الأمر يتعلق ببعض الأمور البسيطة "من قبيل سرقة بعض الحلوى والسكاكر والعصائر، بالإضافة إلى مشروب الطاقة (الذي يبدو أنه هدف أساسي لليافعين)"، بحسب سلسلة المتاجر.

ويختار الموظفون الذين يقابلون "اللصوص" العائدين للاعتذار "فتح نقاش معهم وشرح خطورة الشكوى بحقهم إلى الشرطة، وكيف أن ذلك يؤثر على الشخص وعائلته".
أشار  ليندكفيست إلى أن "من بين عشرات الذين حضروا للاعتراف بالسرقة مجموعات. فهؤلاء عمدوا إلى السرقة بطريقة تقليدية من خلال دخول جماعي إلى المتجر وإلهاء الموظفين وتشتيت تركيزهم ليغطي بعضهم على بعض". 

وذكر مدير المبيعات في سلسلة المتاجر، في حديث متلفز، أن عمليات السرقة في المتاجر التي يقترفها أطفال ويافعون يأتي بها في العادة أشخاص يبدون مهذبين وذوي مظهر محترم، لكن المنافسة تبرز، إذ "يتشجع مراهقون على إظهار جرأتهم للأصدقاء وأنهم قادرون على السرقة"، علما أن من بين هؤلاء فتيات كذلك.

ومبادرة متاجر "هيمكوب" في ليروم أطلقت في أواخر الشهر الماضي لمكافحة السرقة ولتجعل نفسها متاجر "خالية من اللصوص". وبعدما طبقت ليوم واحد ولاقت نجاحا وتراجعت عمليات السرقة، عممت الفكرة لتلقى رواجا بين اللصوص الصغار الذين يتوافدون الآن للاعتراف بذنوبهم والاعتذار للموظفين والتعهد بإصلاح سلوكهم ودفع ثمن ما سرقوه.

واختارت المتاجر سحب كل الشكاوى في حق هؤلاء اللصوص، وامتنعت عن إبلاغ الشرطة في القضايا التي ضبط فيها هؤلاء، وبدلا من ذلك، دخل الموظفون في حوار معهم. وبحسب السلسلة، "فقد جاء في يوم واحد نحو 50 من اللصوص ينتظرون دورهم للاعتراف والاعتذار بهدف الحصول على عفو في المقابل، الأمر الذي يؤكد نجاح التجربة". ولم تتوان عن التعبير عن "الفخر بهؤلاء الذين امتلكوا الشجاعة للاعتراف بما ارتكبوه".

وأكد ليندكفيست أن "اللصوص الصغار، وهم بمعظمهم سرقوا قطع حلوى، بدوا سعداء ومرتاحين بعد اعترافاتهم"، مضيفا أن "هذه التجربة لقيت كذلك استحسانا من الآباء الذين لفتوا إلى أنهم يتحدثون بشكل صريح الآن مع أطفالهم عن سرقة المتاجر وعواقب ذلك عليهم"، فثمّة من حضر للاعتراف برفقة والديه.
من جهتها، شجعت الشرطة السويدية في ليروم "المبادرة التي تهدف إلى العفو عن السرقة"، لكنها رأت أنه "من المهم الإبلاغ عنها". ونوهت مسؤولة شرطة ليروم إيفا سترومبلاد بما جرى، إذ رأت فيه مبادرة "لطيفة"، قائلة إنه "من الرائع أن كثرا اعترفوا بأنهم سرقوا، وأن أولياء الأمور علموا بذلك. لكن في الوقت نفسه، وبصفتي ضابطة شرطة، لا بد من أن أقول إنه من المهم الإبلاغ عن الجريمة، لأننا بتلك الطريقة كذلك نستطيع تنفيذ تدابير لمنع وقوعها. وفي حالات عدة، قد يظهر أن ثمة مراهقين وشبانا في حاجة إلى مساعدة للخروج من فخ اللصوصية". 

تجدر الإشارة إلى أن تعديل قانون العقوبات حيال السرقة من المتاجر أتاح، مع مطلع مارس/ آذار الماضي، أن يحظر الموظفون دخول اللصوص إليها، بخلاف القوانين السابقة التي كانت تحظر منع الناس من الدخول مهما كانت خلفيتهم. وتعاني متاجر في جنوب السويد من اتساع رقعة السرقات بفضل القوانين السابقة التي تتيح دخول اللصوص الذين يكررون فعلتهم، خصوصا متاجر الإلكترونيات في مالمو. لكنها اليوم صارت قادرة على طردهم فور وصولهم.

وتنص قوانين السويد الجديدة في ما يخصّ سرقات اليافعين على منع كل شخص فوق الخامسة عشرة من دخول المحلات التجارية في حال احتمال ارتكابه سرقة أو مضايقة الموظفين. ويسري منع الدخول مدة عام واحد، مع إمكانية تمديده عاما إضافيا في كل مرة.

وانتهاك حظر الدخول يعاقب بغرامة مالية أو السجن مدة أقصاها ستة أشهر. أما السطو المسلح على المتاجر بقصد السرقة، فعقوبته أقسى بكثير، ولا يدخل في نطاق مبادرة العفو. 

وفي سياق متصل، يمكن للادعاء السويدي المطالبة بإبعاد اللصوص الأجانب بعد قضاء محكوميتهم عن الجرائم التي سبق أن ارتكبوها، خصوصا عصابات تحضر من أوروبا الشرقية وتنفذ عمليات سطو مسلح على محلات مجوهرات.
 
N.A





البوم الصور